كهربائية الجو ( البرق)
عندما يحصل التفريغ الكهربائي بسرعة من جسم مشحون إلى موصل على مقربة منه دون أن يلامسه ، تقفز شرارة بين الجسمين .
وكان العالم البريطاني وليم وول في العام 1708 ، أول من علل وميض البرق في السماء بأنه شرارة من هذا القبيل على نطاق واسع .
بعد ذلك بحوالي خمسين عام أجرى العالم الأمريكي بنجامين فرانكلين تجربة ليحاول البرهنة على أن التفريغ البرقي ناتج فعلاً عن الكهرباء.
فعمد في أثناء عاصفة رعدية ، إلى تطير طائرة ورقية معلق بها سلك معدني تتصل نهايته السفلى بخيط حريري أمسك به .
وقد وصل فرانكلين بالخيط الحريري على مسافة امتداد ذراعه مفتاحاً معدنياً .
ولدى مرور طائرته الورقية عبر سحابة رعدية قرب فرانكلين إصبعه من المفتاح المعدني فقفزة شرارة عبر الفجوة بينهما .
وفي كل مرة كانت تعبر طائرته سحابة رعدية كان فرانكلين يحصل على الشرر عبر الفجوة بين إصبعه والمفتاح .
وأكد له ذلك أن السحب الرعدية مشحونة بالكهرباء ، وأن بعض هذه الكهرباء يسري عبر الخيط الحريري المبتل إلى المفتاح المعدني ، وأن تجمع الشحنة على المفتاح يسبب قفز الشرارة عبر الفجوة إلى إصبعه .
بالفعل كانت هذه تجربة رائعة لكنها مجازفة خطيرة ولاشك , ومن حسن حظ فرانكلين أنه نجا , فقد حاول أحدهم إعادة التجربة ذاتها فمات مصعوقاً بشدة التفريغ .
لكن مجازفة فرانكلين لم تذهب عبثاً ، فبعد تبيانه أن البرق هو تفريغ كهربائي راح يصمم وسيلة يقي بها المباني المرتفعة من خطر الصواعق .
والاختراع الذي طلع به ، وهو مانع الصواعق ، هو استنتاج منطقي بسيط من تجربة الطائرة الورقية .
فقد ثبت قضيباً معدنياً في أعلى المبنى ووصله بسلك إلى الأرض ، وهكذا فإنه إذا ضربت صاعقة المبنى اقتيدت الشحنة بأمان عبر السلك إلى الأرض .
وقد خففت مانعات الصواعق كثيراً من أخطار الصواعق ومن الدمار الذي كانت تحدثه .
ومع ذلك فما زالت أخطار الصواعق ماثلة في العالم بحيث تقضي على حوالي العشرين شخصاً كل يوم .!
وقد يحدث التفريغ البرقي بين سحابة وأخرى أو بين السحابة والأرض وفي كلا الحالتين يتم التفريغ في برقة واحدة تتألف عادة من خمسة إلى عشر متقاربة جداً عبر المسار نفسه .
ولما كان الفاصل الزمني بين الومضات والأخرى لا يتجاوز بضعة أجزاء من مئة من الثانية فإن الومضات المتقطعة تبدو للعين البشرية كبرقه واحدة .
وبفعل الحرارة الشديدة الناتجة عن تفريغ تيار الشحنة يتمدد الهواء المجاور ، وتكرار التمدد والتقلص الناتج عن تفريغ الومضات الخمس أو العشر يحدث أمواجاً هي الرعد .
ونحن نرى البرق أولاً ثم نسمع الرعد (مع أنهما يحدثان معاً) لأن الضوء أسرع كثيراً جداً من الصوت .
وتخلف سماع الرعد ثلاث ثواني عن رؤية البرق يعني أن التفريغ قد حدث على بعد كيلو متر واحد منك ، إذ أن سرعة الصوت جوالي 0.33 كيلو متر في الثانية .
وقد يرى أحياناً على أطراف أجنحة الطائرات في أثناء العواصف الكهربائية .
فالسحب في هذه العواصف تحمل في أسفلها شحنات كهربائية كثيفة تشحن أطراف الطائرات العابرة بالتأثير ويتم التفريغ الكهربائي بين شحنة السحابة وشحنة الأطراف المخالفة بتوهج أزرق ساطع .
وكانت هذه الظاهرة تشاهد فوق صواري السفن الخشبية وأطلق على هذه الظاهرة اسم نار القديس إلمو .
ومن التأثيرات التي تسببها الصواعق أحياناً ضرب شبكة التوزيع الكهربائية .
فأبراج حمل الخطوط المدببة العالية مستهدفة لمثل هذه التفريغات الكهربائية وعندما تضرب الصاعقة أحد هذه الأبراج أو الأعمدة تشتد الفولطية إلى درجة تنهار معها عوازل البرج بوميض توهجي شديد يذيب الأسلاك ، ولا بد حينئذ من قطع التيار الكهربائي عن ذلك الجزء من شبكة التوزيع إلى حين إصلاحه .